منذ أن ألّف داروين كتابه (أصل الخلائق) وكتابه الثاني (ظهور الإنسان) سُمِّيَ هذا المعتقد (بنظرية داروين) ومجمل النظرية تقوم على أن الوجود قام بدون خالق وأن الإنسان قد تطور من القرد وأن هناك تسلسلاً في الأجناس البشرية حيث تدعي النظرية الأمور التالية:
أن المخلوقات جميعها كانت بدايتها من خلية واحدة وهي (الأميبا). أن هذه الخلية تكونت من الحساء العضوي نتيجة لتجمع مجموعة من جزيئات البروتين وبينها بقية العناصر الأخرى حيث أدت عوامل بيئية ومناخية (حرارة، أمطار، رعد، صواعق) إلى تجميع هذه الجزيئات في خلية واحدة هي الأميبا. أن جزيء البروتين تكون نتيجة لتجمع مجموعة من الأحماض الأمينية وترابطها بروابط أمينية وكبريتية وهيدروجينية مختلفة كذلك نتيجة لعوامل بيئية ومناخية مختلفة. أن الأحماض الأمينية تكونت بدورها نتيجة لاتحاد عناصر الكربون والنتروجين والهيدروجين والأكسجين. أن الخلية الأولى أخذت تنقسم وتتطور إلى مخلوقات ذات خليتين ثم إلى متعددة الخلايا وهكذا حتى ظهرت الحشرات والحيوانات والطيور والزواحف والثدييات ومن ضمنها الإنسان، كما أن جزءًا آخر من الخلية انقسم وتطور إلى أنواع من الخمائر، والطحالب، والأعشاب، والنباتات الزهرية واللازهرية. أن معظم البشر الذين يقطنون العالم والذين هم من أصل القرود يتسلسلون بحسب قربهم لأصلهم الحيواني حيث إنهم يتدرجون في ست عشرة مرتبة، يأتي الزنوج، ثم الهنود، ثم الماويون ثم العرب في أسفل السلسلة، والآريون في المرتبة العاشرة، بينما يمثل الأوربيون (البيض) أعلى المراتب (الخامسة عشرة والسادسة عشرة). أنه بعد المرتبة السادسة عشرة هناك مرحلة أكبر وأعلى قفزت في التطور البشري بدرجة عالية وتميزت بتفوقها وإبداعاتها في كل ما يتعلق بشؤون البشر من تخطيط وترتيب وتنظيم ومدنية وتحضر وتصنيع وتجارة واقتصاد وسياسة وتسليح وعسكرية، وثقافية وفنية واجتماعية وتعرف هذه المجموعة (بالجنس الخارق) وتتمثل صفات هذا الجنس في اليهود ـ على حسب زعم داروين وأنصاره. آثار نظرية داروين وتأثيراتها: مما سبق يتضح لنا أن نظرية داروين هي نظرية في حقيقتها تأصيل للكفر بالله وإصباغ الصبغة العلمية المزيفة على قضية الكفر والإلحاد. وخلافًا لما يروجه أنصار هذه النظرية من علماء الأحياء الطبيعية فإن النظرية لم يكن همها في قضية تطور الكائنات الأولى (نباتات وحيوانات) إلا إنكار وجود خالق وإظهار تفوق العنصر الأوربي (الغربي). أدت هذه النظرية إلى التأثير على الغربيين وساعدت في تشكيل وبلورة العقلية العلمية وتجاوزتها إلى العقلية الفكرية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية والعسكرية الغربية منذ القرن الماضي وحتى الحاضر. إن أجيالاً غربية قد نشأت وتشرّبت هذه النظرية بجميع أبعادها بحيث صقلت جميع تصرفاتها في شتى مناحي الحياة لديها. إن أثر هذا التشبع والنشأة الغربية في أحضان هذه النظرية يبدو واضحًا في تعامل تلك المجتمعات مع أجناس وشعوب العالم الأخرى والتي تعتبرها النظرية في أسفل السلالات البشرية الحد الذي جعلها تطلق مصطلح (دول العالم الثالث) كصيغة تميز بها أدبيٌّا هذه (السلالات الهمجية المتخلفة). إن نظرية داروين تهدف إلى إثبات التفوق الكبير لليهود (شعب الله المختار) وسياستهم المطلقة على البشر من الجنس الحيواني وذلك دعمًا وتأييدًا لمزاعم واعتقادات اليهود بأنهم هم شعب الله المختار وأن بقية الشعوب ما هي إلا حيوانات مسخرة لخدمة اليهود. إن النظرية جعلت كل ما تعتقده وتؤمن به الأجناس والشعوب التي هي في أسفل السلسلة البشرية هو عبارة عن أساطير وخرافات ناتجة للجهل والتخلف الذي جعل أمثال هذه الشعوب تربط كل شيء بقوة خارقة (الإله) وتشعر بعقدة الذنب والعقاب إن هي خالفت منهج الإله الذي تدين به وأنها تستحق الثواب والأجر إن هي أطاعت هذا الإله. ومن آثارها الهامة أنها جعلت الأوربيين ينسبون مصدر الأمراض والأوبئة إلى هذه الشعوب المتخلفة ويخصون بالذكر الأمراض حديثة الظهور والشـائعة مثل مرض الإيدز ومرض الكبد الوبائي الفيروسي (Hepatitis B & C). يدعي الغربيون وخاصةً الفرنسيون والأمريكيون أن مرض الإيدز مصدره الأفريقيون السود وأنه قد انتقل إليهم عن طريق القرود وأن المرض قد انتقل إلى الأوربيين السياح من الأفريقيين السود. إن النظرية تعتبر الأساس في الإباحية الجنسية الحديثة والتي تسمت بمسميات مختلفة مثل (الغناء، الرقص، التمثيل، العشق) والشذوذ الجنسي الحديث بمختلف أشكاله وألوانه واعتباره نوعًا من السلوك الغريزي الجنسي البديل والتي جميعها تحبذ وتنشر وتشجع أعمال الجنس غير المشروعة بين البشر وتضفي عليها صفة الطبيعة الغريزية وحرية الاختيار الفردية والجماعية. إن النظرية كانت الأساس الذي اعتمد عليه (كارل ماركس) و(إنجلز) في إنشاء الفكر الشيوعي المبني على الإلحاد وإنكار الإله، وتبعهما (لينيين) و(ستالين) وغيرهم. إن النظرية هي الأساس الذي قامت عليه نظرية (فرويد) الجنسية، و(دور كايم) الاجتماعية وغيرهما من النظريات التي سنعرض لها فيما بعد. إن هذه النظرية هي الأساس الذي اعتمده الغربيون في تبرير محاربتهم وإبادتهم لغيرهم من الشعوب الأخرى وخاصةً أهل البلاد الأصليين مثل الهنود الحمر بأمريكا والإسكيمو بكندا والأبوريجنيز باستراليا، حيث يقول داروين إن الأجناس المتقدمة لا يمكنها أن تعيش بسـلام حتى تقضي تمامًا على سلسلتين أو ثلاث من السلاسل البشرية في أسفل السلسلة وإن لم تفعل ذلك فستعيش هذه الأجناس عالة على الأجناس المتقدمة. إن داروين عندما كان يسأل عن الحلقة المفقودة بين القرد والإنسان كان يدعي بأنه إذا أردنا أن نحصل على الحلقة المفقودة فعلينا أن نجامع زنجيٌّا مع غوريلا فقد نحصل على الحلقة المفقودة. الرد على النظرية: منذ أن قام داروين بوضع نظريته الإلحادية انبرى له عدد كبير من العلماء الأوروبيين ودحضوا النظرية على مختلف مستوياتهم، ولكن للأسف نتيجة للسيطرة اليهودية على الإعلام والتوجه الثقافي والعلمي في أوروبا بالإضافة إلى ما كانت تشهده أوروبا آنذاك من انطلاقات علمية وثورات صناعية فقد تم العمل بقسوة على عدم نشر الحجج والبراهين التي دحضت النظرية، ومما يؤسف له كذلك انتشار هذه النظرية في العالم العربي والإسلامي وكأنها حقيقة علمية بالرغم من أنه في أوروبا وأمريكا لا زالت تعرف بأنها نظرية، ومما يزيد الأمر سوءًا لدينا قلة الاهتمام بالرد عليها ونشر حجج وبراهين الأوروبيين العلمية ضد النظرية وعدم الاكتراث بآثار النظرية ومقاصدها الحقيقة مما جعلنا لا نعي ولا ندرك كثيرًا مما يمر بنا كمسلمين وكعرب من مخططات مع تكرارها في معظم بلدان العالم الإسلامي على نفس النسق والوتيرة، وخاصة ما تم في المنطقة العربية والإسلامية خلال نهاية القرن التاسع عشر واستمرارًا بالقرن العشرين والحادي والعشرين ولن نستفيض في الرد على هذه النظرية حيث إن المسلم المؤمن بالله يعرف مدى سخافة هذه النظرية وفقدانها لأبسط المقومات والأدلة العلمية ووضوح الخطوط الإلحادية الجبرية على ملامحها وتأصل العنصرية اليهودية الصهيونية في صياغتها ونشرها والترويج لها، وباختصار فإن الرد على هذه النظرية يتضمن عدة محاور بحسب محاور النظرية نفسها كالتالي: استحالة تكون جزيء البروتين الواحد حتى بالطرق الاحتمالية عن طريق الصدفة فقد بَيَّنَ العالم السويسري (تشارلز يوجين جاي) أن فرصة تكوين جزيء واحد بروتيني عن طريق الصدفة هي (1/16010) وتطلب هذه الصدفة إلى (24310) سنة للحدوث، بالإضافة إلى أنها تستهلك أضعافًا مضاعفة مما في الكون بأسره من ذرات هيدروجين وأكسجين وكربون ونيتروجين وكبريت. أنه حتى بعد اكتشاف الأحماض الأمينية ودورها في التخلق فلا زالت فرصة تكوين أحماض نووية من نوع (DNA) والـ (RNA) مشابهة في احتمالاتها إلى فرصة تكوين جزيء بروتيني واحد. أنه بناءً على ما ذكر أعلاه فإن فرصة تكون خلية واحدة لم يتأتَّ زمنيٌّا بعد، علاوة على تكون بقية المخلوقات والكائنات الأخرى، أي أنه لن تظهر حياة مثلما نرى ونشاهد الآن وقد تبين من الفحريات والمحفوظات المختلفة أن ظهور الحياة على وجه الأرض قديم جدٌّا يعود إلى ملايين من السنين خلت. أوضح كثير من العلماء الأوروبيين الذين كانوا معاصرين لداروين أنه حتى في حالة القبول بنظرية الحساء العضوي فلا زالت هناك أسئلة حول تكون العناصر ومكوناتها من ذرات، ونويات وإلكترونات وبروتينيات وكيفية اكتساب كل عنصر لخصائص متميزة عن العناصر الأخرى وعن وجود الكربون كعنصر أساسي في جميع المركبات العضوية وعن وجود الفوسفور كعنصر أساسي في مركبات الطاقة وغير ذلك من ملايين التساؤلات التي ليس لها إجابة في نظرية داروين. إن تواجد كائنات من المفترض أن تكون بدائية منقرضة جنبًا إلى جنب في نفس بيئة وظروف حياة كائنات متقدمة وآلاف بل ملايين السنين يناقض نظرية الاختيار الطبيعي والبقاء للأصلح، فالأميبا والإسفنجيات والرخويات، واللافقريات، والبكتريا، والطحالب، والخمائر، والبرمائيات والزواحف، وغيرها لا زالت موجودة بجانب بعضها وكثير منها يتقاسم نفس البيئة والظروف مع الأشكال المتقدمة. إن هناك تباينًا في القدرات والوظائف والتعايش بين كائنات يفترض أنها بدائية وأخرى متقدمة، فمثلاً الأخطبوط من اللافقريات الرخوية البدائية قبل الأسماك، لكنه تبين في تجارب عديدة، ومواقف مختلفة بأنه أكثر ذكاءً وقدرة على تمييز الأشكال والأحجام والأوزان من الأسماك، وكثير من الكائنات البدائية تتغذى وتفترس كائنات متقدمة عنها فالأميبا تلتهم اليرقات والحشرات الصغيرة، وكذلك الهيدرا، كما أن الأخطبوط وأسماك القرش تتغذى على الأسماك وهكذا، فهذا التباين يجعل من التسلسل في التطور لدى الكائنات أمرًا صعب التفسير. إنه قد تبين أن لدى كثير من الحشرات والحيوانات والطيور ميزات وخصائص لا توجد لدى غيرها من الكائنات المتقدمة في السلسلة مثل معرفة الليل والنهار والتغيرات في الظروف المناخية، ودخول الفصول وخروجها، ونزول الأمطار، وهبوط الرياح والعواصف، ووقوع الزلازل والبراكين، هذا علاوة على وجود حواس متقدمة لدى كثير من هذه المخلوقات لا تستطيع النظرية شرحها ولا وضعها ضمن أي من ترتيباتها. اختلاف نمط المعيشة ضمن المجموعات المتشابهة، فمثلاً النحل والدبور، والأسود والنمور، والضباع، والثعالب، وغيرها ـ بينما نجد أن أحدها يعتمد على نمط الحياة الاجتماعية مثل النحل والأسود والضباع نجد غيرها يعيش نمط الحياة الفردية مثل الدبابير والنمور والفهود والثعالب. إن هناك تناسقًا وترابطًا وتوازنًا بين الكائنات بعضها ببعض، وسلسلة غذائية، وقوانين وسننًا أرضية وكونية، مثل الليل والنهار، والصيف والشتاء، والمد والجزر، والجاذبية الأرضية، والضغط الجوي، وكمية الأكسجين والنتروجين، وثاني أكسيد الكربون، ودرجة الرطوبة، وملوحة المياه، وتيارات الماء، والرياح والعديد من الظواهر والمشاهد المتعددة والتي يستحيل معها تطبيق هذه النظرية عليها. إن ما تقدم ذكره، وإن ما يحدث لكثير من الكائنات سواءً نباتية أو حيوانية في مراحل نموها المختلفة، وفي تزاوجها، وفي تكون صغارها لا يمكن تفسيره بالطبيعة أو بالتطور وخلافه، حيث إنها جميعها تحتاج إلى حكمة وعلم وسعة إدراك وقدرة فائقة على الخلق والتكوين مما يجعل قضية الوجود جميعه مربوطة بربٍّ حكيم خالق كريم عظيم. ويزداد هذا الأمر تعقيدًا إذا نظرنا إلى عمليات التزاوج في الثدييات ووجود الجنين ومراحل نموه وتخلقه ثم ولادته ومروره بمراحل الطفولة إلى الهرم والكبر كل ذلك يجعل من أمر النشوء والتطور حسبما اقترحه داروين وأمثاله أمرًا غير قابل للتصديق. إن خلايا القرود تحوي ثمانية وأربعين كروموزومًا، بينما الخلايا البشرية تحوي ستة وأربعين كروموزومًا، ولم يستطع حتى الآن أي من دعاة الداروينية تفسير هذا الفرق وتوضيح سبب النقص والذي جاء على عكس ما يتوقعونه. إن الإنسان والذي اعتبره داروين وأمثاله متطورًا من القردة شكّل عقبة كَأْدَاء أمام داروين ودعاة التطور؛ وذلك لأن الإنسان لديه صفات يمتاز بها عن القردة والحيوانات منها الصفات العقلية والكلامية والسمعية والأحاسيس والمشاعر والقراءة والكتابة والتأليف والقدرة على الاختراع والاكتشاف وغيرها من الصفات الهائلة العظيمة لدى الإنسان يستحيل ربطها بنظرية التطور، ذلك لأن بين الإنسان والقردة قفزة نوعية هائلة لا تستطيع النظرية تفسيرها، لذلك لجأ داروين وأشياعه إلى مسألة الحلقة المفقودة بين القرود والإنسان، ومن ثم قام جماعة من مؤيدي النظرية بمحاولات مضنية وعاجزة بوضع تصورات ونظريات مختلفة في مخلوقات الحلقة المفقودة وهل هو نوع واحد أم أنواع متعددة متباينة ومتطورة إحداها من الأخرى؟ وما هي الفترات الزمنية التي عاشوا فيها؟ وكيف انقرضوا ولماذا لا يوجد أي منهم بالرغم من وجود حتى أضعف فصائل أسلافهم من القردة كما يزعمون؟. إن جميع العقـائد والديانات السـابقة تشـير إلى أن البشر كان لهم أب وأم (آدم وحواء) وأن البشـرية تفرعت من هذين الأبوين، وأن الله تعالى هو الذي خلق آدم وحواء وأنزلهما إلى الأرض، وكثير من الديانات السابقة تستخدم نفس كلمة آدم (Adam)، كما أن معظمها تحكي قصة إغواء إبليس لهما وتسببه في خروجهما من الجنة ونزولهما إلى الأرض، ومعظمها تنعت إبليس وأتباعه وذريته بالعداوة واللعنة وتسميه الشيطان (Satan) وتسمي أتباعه بالشياطين (Satanists). أما بالنسبة لمرض الإيدز فقد كشف مجموعة من العلماء الألمان أن حقيقة ظهوره كانت في الشاذين الفرنسيين في فرنسا في أواخر السبعينيات حيث ظهرت تقارير طبية فرنسية مفادها أن هنالك مرضًا يصيب الجهاز المناعي في الإنسان مما يتسبب في إصابته بجميع أنواع العدوى وعدم قدرته على المقاومة ويؤدي إلى الوفاة وأن الملاحظ في المرض أنه ينتقل عن طريق الاتصال الجنسي أو الدم، ولم يستطع الأطباء الفرنسيون التعرف على حقيقة المرض بينما كانت تتزايد الحالات بين الشواذ من الرجال الفرنسيين، وهرعت الهيئات الفرنسية المؤيدة للشواذ بالضغط على حكومة الرئيس ميتران للقيام بخطوات لاحتواء المرض الذي سيهدد كل طريقة الحياة الغربية، فاتخذت الحكومة الفرنسية إجراءات منها إحاطة هذه الحالات بالسرية التامة وعدم السماح بالحديث عنها حتى في المؤتمرات الطبية إلا بإذن مباشر من الرئيس وتحويل كل الحالات إلى معهد باستير المتخصص في الأبحاث الطبية المتقدمة، ولكن حالة الكتمان هذه لم تستمر حيث خرجت للعيان في ضجة إعلامية كبرى من أمريكا عندما أصاب المرض مجموعة من الممثلين والفنانين الأمريكيين المعروفين بشذوذهم الجنسي وعلى رأسهم الممثل (روك هدسون) والذي تمّ نقله إلى معهد باستير في باريس حيث مات بعد ذلك، وعندما أخذ المرض بالانتشار مثل النار في الهشيم في أمريكا عقد الرئيس الأمريكي وقتها رونالد ريجان لقاءات متعددة مع نظيره الفرنسي ميتران وتبنيا نفس السياسة الفرنسية وأضافا إلى ذلك ألا تقوم أي جهة فرنسية أو أمريكية بإرجاع ظهور المرض إلى أمريكا أو فرنسا أو أوروبا. إن معظم المؤيدين لهذه النظرية هم من اللادينيين (العلمانيين)، الماسونيين، الصهاينة، وفي بعض المراكز العلمية العالمية يعتبر الاعتقاد بهذه النظرية والعمل بها وترويجها من أساسيات الترقية والتمكين والشهرة. إن النظرية لم تعر جانب التطور في النباتات أمرًا كبيرًا ولم توضح فيما إذا ستظهر نباتات (عظيمة أو خارقة) توازي في تطورها ما حدث في الحيوانات. مقتل نظرية داروين وضياع الحلقة المفقودة إلى الأبد: في بداية القرن العشرين (أثناء الاستعمار الهولندي لإندونيسيا) اكتشف عالم هولندي أثناء قيامه بعمليات حفر في منطقة جاوة بإندونيسيا، آثار جمجمة تشبه الجماجم البشرية وتختلف عن جماجم القرود وتتميز هذه الجمجمة بكبر حجمها عن الحجم الطبيعي لجمجمة الإنسان العصري. وكان هذا الاكتشاف بمثابة النصر لدعاة التطور حيث تسارع العلماء الداروينيون إلى الجزم بأن إنسان جاوة (كما سموا صاحب هذه الجمجمة) يمثل الحلقة المفقودة أو إحدى سلالاتها وتهافتت التأليفات والندوات والمحاضرات التي أخذت تؤيد بل وترسم صور حياة هذا المخلوق وطرق عيشه وحياته وكيف أنه بدأ بالسير على قدميه مع انحناء في ظهره وأنه أخذ يسكن الكهوف وما إلى ذلك، وعند إجراء عملية تقدير لعمر هذه الجمجمة عن طريق الكربون المشع وجد أنها تعود إلى حوالي مليوني سنة، ثم توالت الاكتشافات فوجد إنسان مدغشقر الذي قدر عمره بثلاثين ألف سنة، ثم إنسان إفريقيا الذي قدر عمره بحوالي عشرين ألف سنة، وإنسان جبال الألب الذي قدر عمره بحوالي ستة آلاف سنة. غير أن حدثًا هامٌّا عظيمًا في تاريخ البشرية قد وقع قبل حوالي سنتين عندما قام مجموعة من العلماء في جامعة أكسفورد ببريطانيا باستخدام الطرق المتطورة الحديثة في الأحياء الجزيئية بمعرفة عدد الكرموزومات ونوعية المادة التي كانت تنتجها خلايا هذه المخلوقات لعمل الدم، وقد كانت دهشتهم شديدة عندما وجدوا أن جميع هذه المخلوقات كانت لديها ستة وأربعون كروموزومًا وأنها تنتج نفس المادة لعمل مادة الدم من نفس الجينات وبنفس الترتيب وهي مادة الهيموجلوبين، وقد حدت هذه الدهشة ببعض هؤلاء العلماء إلى أخذ عينات من زملائهم وبعض العاملين فوجدوا أن تركيبة المادة وخصائصها هي نفسها واحدة، أي لا يوجد هنالك فارق بين إنسان جاوة، وإنسان مدغشقر، وإنسان أفريقيا، وإنسان جبال الألب والإنسان الحالي الذي يعيش في هذا العصر، وأن الفارق الوحيد هو تفاوت الحجم. لقد كان هذا الاكتشاف بمثابة الصدمة الهائلة التي دكّت أركان النظرية الإلحادية وأخذ بعض العلماء ممن كانوا أنصارها يعيدون حساباتهم، فقد عاد مجموعة منهم إلى الموقع الذي وجد فيه الجمجمة (لإنسان جاوة) وأعادوا الحفر والتنقيب وقد كانت اكتشافاتهم مثيرة، حيث إنهم وجدوا آثار أدوات ومعدات كان يستخدمها ذلك الإنسان تدل على قدرة عالية في التصنيع والتخطيط، وإن ذلك الإنسان كان على قدر عال من الذكاء والمدنية والحضارة بشكل يستحيل أن يكون عبارة عن كائن بدائي يمثل الحلقة المفقودة كما كانوا يزعمون. وقد حدا ذلك بكثير من هؤلاء العلماء إلى مراجعة مواقع بقية المكتشفات حيث تأكد لديهم ـ بما لا يقبل الشك ـ أن أولئك الأشخاص كانوا بشرًا مثلنا وليسوا كائنات (قردية) متخلفة. لقد احتضرت نظرية داروين بعد هذه الاكتشافات على يد دعاتها، ولكن للأسف لم يستغل العلماء المسلمون هذا الانتصار فينقضوا بقية ما أحدثته هذه النظرية المشؤومة على نظام العالم الحديث. وقد اكتشفت في الحبشة في الآونة الأخيرة بقايا هيكل عظمي لأنثى أظهرت الدراسات الأولية لها بأن عمرها يعود إلى ثلاثة ملايين سنة ونصف تقريبًا، وتمّ تسميتها باسم (لوسي) ويحاول أنصار الداروينية الآن إظهار أنها ربما تنتمي إلى إحدى السلالات التي سبقت البشر ـ بزعمهم ـ ولكن الدراسات الأولية لم تظهر ذلك، وأكد بعض الباحثين أنها إن كانت من الجنس البشري فإنها ستكون كإنسان جاوة أي سوف لن تختلف عن البشر الحاليين. ومن جانب آخر فقد قامت دراسة هائلة لمجموعة كبيرة مكونة من (12,127) رجلاً من جميع أنحاء أفريقيا وشرق آسيا لمعرفة ما إذا كان هنالك اختلاف في الكروموزوم (Y) والخاص بالذكور، وما إذا كانت هنالك دلائل في الكروموزوم تشير إلى انحداره من أصول ما قبل بشرية (من حلقة مفقودة)، ولم تجد الدراسـة أية فروق بين هذه الأجناس ولا أية دليل على احتمالية انحدارها من أصول (ما قبل الإنسان)، وتكمن القوة في هذه الدراسة في سعة البقعة الجغرافية التي غطتها وإلى استخدام الأحياء الجزيئية والتخطيط الجيني في دراسة الكروموزوم. الحضارات البشرية المختلفة على مر العصور معول آخر في هدم نظرية داروين: لقد كان من آثار هذه النظرية ظهور التمايز في الجنس البشري (ما يسمى بالسلسلة البشرية) والتي يقع الزنوج في أسفلها والأوروبيون في أعلاها، ويمثل اليهود الجنس العالي الذي لا تشبهه بقية الأجناس. فالناظر في تاريخ الأمم والشعوب والحضارات يتضح له جليٌّا هزالة وضعف هذا الادعاء، فقد بينت العديد من الآثار في مختلف قارات العالم أن مختلف الأجناس من البشر قد كان لهم حضارات عظيمة وراقية، فقد بينت آثار اكتشفت في زيمبابوي بأفريقيا أنه كانت هنالك حضارة عظيمة ما قبل التاريخ، وفي مصر والسودان قامت الحضارة الفرعونية التي تركت الآثار العديدة الدالة على عظمة وتقدم الحضارة الفرعونية حتى إن العلم الحديث لا زال عاجزًا عن فهم الكثير من الألغاز الفرعونية، كما كانت هناك حضارات البابليين، والسومريين، والسنسكريت، والآشوريين، والعموريين، وحضارات الأنكا، والحميريين، والسبئيين، ثم كانت أعلاها رفعة ومنزلة الحضارة الإسلامية ومنبعها الجزيرة العربية والتي جمعت بين العبودية لله تعالى والتقدم المدني الحضاري حتى فاقت كل الحضارات وهيمنت عليها ليس بالماديات بل بما حملته من معانٍ إنسانية سامية ارتقت بالبشر إلى درجات عالية من سمو الأخلاق وكريم التعامل حيث أبدع المسلمون في كل جوانب الدنيا والآخرة، فكانت هناك القوانين والأنظمة الإسلامية التي شملت كل الأمور. كل ذلك في الوقت الذي كانت أوروبا ترزح في ظلمات الجهالة والضلالة والتأخر والخرافات والخزعبلات، ولم تعرف أوروبا التقدم والتحضر إلا عندما احتكت بالحضارة الإسلامية سواءً في الأندلس أو الشام أو عن طرق الحروب الصليبية، ولا زالت أوروبا تدين في جميع قضاياها الحضارية المختلفة للعلماء المسلمين وعلومهم ومؤلفاتهم، حتى إن قوانين الأحوال الشخصية وحقوق الإنسان وحريته مستقاة من كتب الفقه والحسبة لعلماء الإسلام أمثال أبي حنيفة والشافعي ومحمد بن الحسن. نظرية داروين تأصيل لعقيدة الكفر بالله: إن نظرية داروين هي في الحقيقة (نظرية إنكار الخالق) حيث إن مجمل النظرية تقوم على أن الوجود قام بدون خالق، وإن بداية الكفر إنكار وجود خالق لهذا الكون وهذه المخلوقات من حولنا والادعاء بأنها قد خلقت وأوجدت نفسها وطورت وظائفها وأشكالها وبيئاتها بنفسها، وأن بداية الخليقة كانت صدفة وتطورها إلى أشكال وأنماط مختلفة إنما جاء نتيجة لتعاملها مع الظروف البيئية والمناخية والجغرافية المختلفة. وهذا الكفر قديم جدٌّا وذكره الله تعالى في كتابه العزيز حيث قال عن هذا النوع من الكافرين بالله تعالى: (وَقَالُواْ إِنْ هِىَ إِلا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وُنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَآ إِلا الدَّهْر) وقد سمي هؤلاء الكفرة بالدهريين، وقد تصدى لهم القرآن الكريم في آيات كثيرة. إن الذي يدخل معرضًا للسيارات فيرى مجموعة مختلفة من الأحجام والأشكال والألوان سيعلم بدهيٌّا أن كل نوع وحجم له وظيفة معينة وأن لهذه السيارات صانعًا معينًا، وكل صانع له علامته المميزة وخصائصه التي يضعها في سيارته التي صنعها، ومن جودة السيارة ومتانتها وتحملها وصيانتها نستطيع أن نعرف أمورًا كثيرة عن الصانع ولكن ليس على شكله وحجمه وهيئته ونوعية حياته. إن مثل هذا المثل البسيط يستعمله جميع الناس ـ بمن فيهم منكري وجود الله ـ حينما يرون أي شيء مادي ماثل أمامهم. فلماذا تغيب عنهم هذه البديهية عندما يكون الأمر متعلقًا بالخلق والكائنات والكون والذي يحتاج إلى صانع أعظم وأكبر من صانعي الأمور المادية. إن نظرية داروين هي تقنية للإلحاد والكفر بالله العظيم، وكل هدفها هو إظهار سيادة العنصر الأوروبي والغربي (الأبيض) وتفوق اليهود وتبرير نزواتهم وجشعهم ورغباتهم الاستعبادية لبقية بني البشر. فهل يعي المسلمون هذه الحقيقة ويكفوا عن التشدق بالنظرية التي ظهر زيفها لأصحابها قبل مناهضيها؟. وبعـد أن تبين البعد الشيطاني لهذه النظرية قامت بعض المؤسسات الغربية الواعية بمنع تدريس النظرية في المدارس والمعاهد كما حصل في مدارس ولاية كانساس بأمريكا، وكما قامت ولاية لويزيانا بإصدار قرار يقضي بأن داروين كان عنصريٌّا وأن نظريته عنصرية بحتة وليس لها صلة بالعلم، بالإضـافة إلى ذلك فقد قـام العديد من العلماء المرموقين في شتى المجالات بنبذ النظرية تمامًا وتوضيح أنها من أكبر السخافات البشرية في القرنين الماضي والحاضر. |
إقرأ أيضاً:
|